
السعودية.. من الميدان إلى الموقف: ريادة تصنع التاريخ وقيادة ترسم المستقبل
في ليلةٍ عربيةٍ مفعمةٍ بالفخر، رفع المنتخب السعودي راية الوطن عاليًا بتأهله إلى كأس العالم، ليؤكد أن هذا الوطن لا يعرف المستحيل، وأن كل إنجازٍ على أرضه هو ثمرة رؤيةٍ وطموحٍ لا يلين.
تأهل الأخضر ليس مجرد عبورٍ رياضي، بل رسالة وطنٍ يصنع المجد في كل ميدان؛ من ميادين الرياضة إلى ميادين السياسة والاقتصاد والإنسانية. إنها رؤية المملكة 2030 التي جعلت من الإنجاز عادةً، ومن الطموح أسلوب حياة.
الرياضة في المملكة لم تعد مجرد هوايةٍ أو تنافسٍ موسمي، بل أصبحت ركيزة من ركائز النهضة الوطنية. الدعم الحكومي السخي، والرؤية الاستراتيجية الواضحة، والاستثمار في الإنسان والبنية التحتية، جعلت من الرياضة السعودية نموذجًا يُحتذى به عربيًا ودوليًا.
من الملاعب الحديثة إلى البطولات العالمية التي تستضيفها الرياض، ومن استقطاب النجوم العالميين إلى دعم الاتحادات المحلية، تُثبت المملكة أن الرياضة صناعة تنموية واقتصادية وثقافية تسهم في بناء الصورة الإيجابية للوطن، وتضعه في مقدمة الدول الطامحة لصناعة مستقبلٍ جديد للرياضة العالمية.
ولم يكن هذا الدعم مقتصرًا على الداخل، فالمملكة كانت وما زالت الراعية الكبرى للرياضة العربية، تمد يدها للأشقاء، وتفتح أفقها للتعاون، وتؤمن أن نهضة الرياضة العربية جزء من نهضة الأمة بأكملها.
كما تمتد هذه الروح ذاتها إلى السياسة، حيث تقود المملكة مواقفها بثباتٍ ومسؤولية، قائمةً على القيم والمبادئ قبل المصالح.
وفي مقدمة تلك المواقف، دعم القضية الفلسطينية الذي لم تغب عنه المملكة يومًا، بل كانت دائمًا صوت الحق في زمنٍ تاهت فيه الأصوات.
منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – وحتى اليوم، تواصل المملكة موقفها الثابت في نصرة فلسطين وشعبها، لا بالشعارات، بل بالأفعال، والمبادرات، والدبلوماسية الفاعلة.
وقد برز مؤخرًا الدور السعودي في إحياء الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، بالشراكة مع فرنسا وعددٍ من القوى العالمية، وهو ما أعاد الزخم إلى القضية في أروقة المجتمع الدولي.
هذا التحرك لم يكن وليد ظرفٍ سياسيٍ عابر، بل انعكاسًا لـ ثقل المملكة الدبلوماسي العالمي، الذي يجعل من كلمتها مؤثرة، ومن مواقفها موازنة بين العدالة والاستقرار.
وفي وقتٍ يختار فيه البعض الصمت أو الحياد، تظل المملكة تتحرك بمسؤوليةٍ ووضوحٍ تجاه قضايا الأمة، مدركةً أن القيادة الحقيقية هي التزامٌ بالقيم لا استعراضٌ بالمواقف.
وإقليميًا، برز الدور القيادي للمملكة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أسهمت في ترسيخ التعاون والتكامل بين دوله، وفي حماية استقراره ووحدته.
ومع رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي أكّد فيها أن الشرق الأوسط الجديد سيكون أوروبا القادمة، تعيش المنطقة مرحلة تحوّلٍ تاريخية، تتجه فيها من النزاعات إلى التنمية، ومن الخطابات إلى العمل.
إنها رؤية تنموية جماعية تقودها المملكة بروح المسؤولية والريادة، وتجعل من الخليج نموذجًا للوحدة الاقتصادية والسياسية الحديثة، وركيزةً لمستقبلٍ عربيٍ مزدهر.
ورغم كل هذه الإنجازات، لا يخلو الطريق من أصواتٍ تحاول التقليل من مكانة المملكة أو التشكيك في نواياها.
لكن المملكة، التي اختارت طريق الفعل لا القول، تردّ على المشككين بإنجازٍ جديدٍ كل يوم، وبموقفٍ ثابتٍ كلما تغيّرت الرياح.
فمن يقف مع أشقائه، ويدعم قضاياهم، ويبني حاضرهم، لا ينتظر شهادة من أحد، بل يكتب تاريخه بيده.
إن ما يجري اليوم في المملكة ليس نهضةً عابرة، بل تحوّل وطني شامل يقوده طموح قيادةٍ شابةٍ مؤمنةٍ بدورها ومكانتها.
فمن كأس العالم إلى مراكز القرار الدولي، ومن دعم الرياضة إلى دعم القضايا الإنسانية، ومن تنمية الداخل إلى ريادة الخارج، تواصل المملكة مسيرتها بثقةٍ راسخة نحو المستقبل.
وستبقى السعودية — وطن العز والإنجاز — القدوة في الفعل، والقيادة في الموقف، والصوت العربي الأصدق في زمنٍ تغيّرت فيه الموازين.
فهي اليوم لا ترفع رايتها في الملاعب فحسب، بل ترفعها في كل ميدانٍ تصنع فيه المجد، وترسم من خلاله ملامح شرق أوسطٍ جديد يقوده الإيمان والعمل والإنجاز.