Slaati
حسن البريدي

التراث ثبات

منذ 2 شهر11590

مشاركة

التراث ماضٍ يحمل الكثير من العبق والذكرى والجمال الأخّاذ الذي لا يقبل الإضافات.

هو سهلٌ لا يختلط بخدش الحاضر، ولا بتكهّنات المتكهنين، ولا بتوقّعات الباحثين.

يجب أن يبقى كما هو؛ لا تشوبه شائبة، ولا يزوره مُجدِّد، ولا يصطفّ بين جنباته زوّار الفلسفة. وإلا بقي كجميلةٍ أرادت أن تكون أجمل، فقررت أن تجعل المشرطَ أملها، ويدي الطبيب مبتغاها، لكن النتيجة كانت وبالًا، وتسربت الآمال في أن تزيد على حسنها حُسنًا وفتنة، فإذا بها تفقد جمالها السابق، ولا تستطيع العودة إلى ما كانت عليه ولو على أقل تقدير.

إن التراث ثباتٌ حتى وإن كان حُطامًا؛ هو كما هو، يزوره الزائرون، ويرقبه الشاهدون بشيءٍ من الإعجاب والتأمل، بلا زيادة ولا نقصان. وواقعنا الآن – في أغلبه – لا يعترف بما يعرفه العارفون عن أبجديات التراث وأصوله؛ فيقترفون الخطأ في حق التراث الأصيل، وينأون بعيدًا عن سلامته، باسم حضارةٍ في غير موضعها.

يقيمون الندوات والمحاضرات حول "كيفية التعامل مع التراث"، وهم في الأصل لم يستوعبوا، أو لم يتأملوا الشرط الأول والأساسي من أساسيّاته: أن يكون التراث في تعريفه نقيًّا بلا دخلاء عليه، سواء كانوا بشرًا أو حجرًا.

عزيزي الممتهن لحراسة التراث والعناية به، الأمر سهل وبسيط، لا يحتاج إلى هذا التكلف كله، فقط عليك أن تحرسه من سُرّاق الماضي، وألا تلمسه بقصد "تطبيبه" حسيًّا أو معنويًّا، وأن تؤمن إيمانًا كاملًا بأن الأصل إذا تحوّل إلى فروعٍ متشعّبة، فسيتشوّه ويفسد.

التراث له من اسمه نصيب؛ فهو إرثٌ قديم يجب أن يبقى كما هو، ولا يجوز له أن يطلّ على الحضارة ولو من باب "التجميل المصطنع". وإننا – مع هذا الطمس غير المسؤول – إن استمر، مقبلون على فقدان هويتنا وأصالتنا وماضينا النقي.

قد يظنّ بعض حرّاس التاريخ المحسوس أنّهم يُحسنون صنعًا حين يتفنّنون في زخرفة جدار الأجداد، ويبنون ما بقي من سور الطيبين، ويمضون في البحث عن آلةٍ أو أداةٍ تُحشر في صندوق التراث،
حتى لو كانت من صنع ورش المتجوّلين! وهم لا يعلمون أنّه مع تقادم السنين وغربلتها، سيظنّ الجيل القادم أن جوال "الباندا" مثلًا آخر الماضي وأوّله، أو أن "الشاورما" ذات الثلاثة ريالات كانت تبتلعها الجدّات بلعًا، وأن الغسالة الأوتوماتيكية هي تراثنا وفخرنا!

لا تُشوّهوا الفلكلور الجميل، يا راقصي العرضة على إيقاع الـ"دي جي"، بحجّة أن هذا ما يريده المشاهدون! ولا بأس أن تُتناول العصيدة بالملعقة، لكن ذلك تَجنٍّ على شعبيّتها الجارفة وأصولها الأصيلة.

ابتعدوا قليلًا، أو كثيرًا، عن موروثنا إن أردتم أن تصلوا إلى موروثهم فقط!

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

WhatsApp Image 2025-12-21 at 4.37.12 PM (1).jpeg
الصرامي: غويدو يتحمل المسؤولية الكاملة عن قضايا النصر مع فيفا .. فيديو
الرياض
منذ 5 دقيقة
0
1362
WhatsApp Image 2025-12-21 at 4.41.20 PM.jpeg
جاهزية مدني وملا لمواحهة الشرطة العراقي
الرياض
منذ 6 دقيقة
0
1367
344427a6-1797-4026-ae10-cba8bab38e75.jpg
الاتحاد يتحرك رسميا لضم هوساوي
الرياض
منذ 10 دقيقة
0
1387
d8b630d7-a1de-4edb-92ae-c73c8a94c313.jpg
تعطل حركة القطارات بعاصمة تشيكيا بعد سرقة كابلات
براغ
منذ 26 دقيقة
0
1460
45b91e46-1f32-44f0-9cce-f844fa41f203.jpg
التجارة تستدعي مجموعة أثقال BowFlex
الرياض
منذ 26 دقيقة
0
1464
إعلان
مساحة إعلانية