Slaati
إيلانا عادل الشريف

الإيجابية السامة وفن التخلي

منذ 5 شهر01477

مشاركة

في عالمٍ يُلح علينا بشعارات التحفيز، والابتسامات المصطنعة، والعبارات اللامعة مثل "كن إيجابيًا مهما حدث"، "تخلى عما يؤذيك" ننسى أن الإيجابية الحقيقية لا تعني إنكار المشاعر الإنسانية، بل الاعتراف بها والمرور عبرها بصدق.

ولكن! ماهي الإيجابية؟

الإيجابية، ببساطة، هي الميل لرؤية الجانب المُضيء من الأشياء، والسعي للسلام النفسي، والنظر للأزمات من زاوية النمو والتعلم. وهي بلا شك سلوك ناضج ومفيد في الحياة.

ولكن… متى تنقلب هذه الإيجابية ضد الإنسان بدلًا من أن تكون لصالحه؟

ومتى تصبح الإيجابية "سامة"؟

تُصبح الإيجابية سامة حين تتحوّل إلى قناع يُخفي الألم الحقيقي، ووسيلة للهروب من المشاعر الصعبة، أو عندما تُستخدم لإسكات الآخرين وتقزيم معاناتهم.

حين يُقال لشخص يتألم: "تجاوز الأمر، على الأقل أنت أفضل من غيرك"، حين يُقال لمن فقد عزيزًا: "كل شيء يحدث لسبب" حين يُقال للمقهور: "كن ممتنًا، فهناك من هو أسوأ حالًا منك"

هنا لا تُمارَس الإيجابية كتعاطف، بل كأداة للإنكار، والتقليل، والعزل.

فالإيجابية السامة تُفقد الإنسان جزءًا من إنسانيته.

وتجعلنا نرفض الاستماع الحقيقي، ونبتعد عن الأحزان، ونخشى أن نتلامس مع الألم.

وبإسمها تحوّلنا إلى كائنات أنانية، تهتم فقط بالمُتعة اللحظية، وترفض العلاقات العميقة، وتُقصي من يعاني، وتضع مُلصق "السلبي" على كل متألم.

وراء كثير من الدعاوى لقطع العلاقات، والانعزال عن "الطاقة السلبية"، تجد أشخاصًا جُرحوا بعمق، ولم يجدوا من يحتويهم، فقرروا ألا يعودوا بشرًا يشعرون، بل "مدربي طاقة"، أو "مرشدي سعادة"، أو "ناجين روحيًا"، يوزعون نصائح مُفرغة من الرحمة.

لكن الحقيقة هي: كل من يطلق وصف "سلبي" على المتألمين، فقط لأنهم يعبرون عن مشاعرهم، هو إنسان فقد شيئًا من إنسانيته، ويريد أن ينتقم من الضعف الذي كان فيه يومًا، بدل أن يضمده.

وفي هذا السياق، نستحضر قول لوري ديشين: "لست مضطرًا لأن تكون إيجابيًا طوال الوقت، فلا بأس تمامًا بأن تشعر بأنك حزين، أو غاضب، أو مُنزعج، أو مُحبط، أو خائف أو قلق، إمتلاكك للمشاعر لا يجعلك "شخص سلبي"، بل يجعلك إنسانًا"

همسة دعونا نُعيد تعريف القوة.

فالقوة ليست في دفن الألم تحت قناع "كل شيء على ما يرام"، بل في مواجهته.

القوة ليست في إنكار مشاعر الآخرين والتراقص على آلامهم وتسميتها سلبية، بل في الجلوس معهم، والإنصات، والمشاركة.

فالإيجابية الحقيقية ليست أداة فصل عن العالم، بل وسيلة للتواصل معه بصدق.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

خوجة: طرد إيبانيز أربك فرحة الأهلي والنقاط الثلاث ثمينة رغم الغيابات .. فيديو
خوجة: طرد إيبانيز أربك فرحة الأهلي والنقاط الثلاث ثمينة رغم الغيابات .. فيديو
الرياض
منذ 46 دقيقة
0
1491
جابرييل: التعادل مع الاتفاق ليس نتيجة سيئة والنصر سيقاتل في كل مباراة
جابرييل: التعادل مع الاتفاق ليس نتيجة سيئة والنصر سيقاتل في كل مباراة
الرياض
منذ 46 دقيقة
0
1495
زوجة إيفان توني توثق احتفال أبنائه بفوز الأهلي على الفيحاء .. فيديو
زوجة إيفان توني توثق احتفال أبنائه بفوز الأهلي على الفيحاء .. فيديو
الرياض
منذ 46 دقيقة
0
1496
الفراج: صدارة النصر مهددة والجولة المقبلة قد تقلب الموازين .. فيديو
الفراج: صدارة النصر مهددة والجولة المقبلة قد تقلب الموازين .. فيديو
الرياض
منذ 47 دقيقة
0
1504
الشيخ السليمان : الحلف برأس وحياة الأبناء يستوجب التوبة .. فيديو
الشيخ السليمان : الحلف برأس وحياة الأبناء يستوجب التوبة .. فيديو
الرياض
منذ 48 دقيقة
0
1500
إعلان
مساحة إعلانية
الإيجابية السامة وفن التخلي - صدى الالكترونية أخبار محلية سعودية وعربية ودولية إقتصادية وإجتماعية ومال واعمال ورياضة وشئون المرأة