قال المحلل السياسي المهتم بالشأن الليبي عز الدين الزبيدي: إن الاقتصادات الأوروبية تعاني تحت وطأة آثار الحرب الروسية – الأوكرانية، خصوصاً في مجال الطاقة، وتمثل قارة أفريقيا وجهة مميزة للدول الغربية لتحقيق تلك الأهداف، ومع اشتداد التنافُس الدولي على تثبيت موطئ قدم في القارة السمراء، بين الدول الغربية كفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، يتكشف دور اللاعب الخفي الذي يندر الحديث عنه ألمانيا.

وأضاف أنه بحسب التقارير، فإن برلين تعتزم تطبيق استراتيجية جديدة تجاه إفريقيا، تركز على الاستثمارات في مجالات الطاقة والمواد الخام وإبرام اتفاقيات تعاون مع دول القارة السمراء بشروطهم الخاصة، بطرق غير مباشرة بعيداً عن انظار المنافسين المباشرين من الدول الاخرى الراغبة في التواجد في القارة السمراء وتجنب الصدام معهم.

وأكد على محاولات برلين المستمرة خلال السنوات القليلة الماضية، تثبيت موطئ قدم لها في ليبيا البلد الإفريقي صاحب أكبر احتياط من الغاز والنفط، عن طريق باب التعاون المشترك مع كل من إيطاليا وتركيا في ملف النفط الليبي خاصة مع تواجد بعض من الخبراء والمختصين الألمان في “مصفاة الزاوية” النفطية.

وبحسب الزبيدي، فقد غادر الوفد يوم الأربعاء 23 أكتوبر المنقضي إلى السفارة الألمانية في العاصمة طرابلس، بعد اشتباكات في محيط المصفاة وإغلاق الطريق أمام المارة، ولم تكتفي برلين بإرسال خبراء ومتخصصين ألمان فقط، لأنها عملت على زيادة تواجدها في ليبيا وذلك عبر الشركات النمساوية العاملة في طرابلس، حيث أن شركة «أو إم في» النمساوية قد استأنفت نشاطها الاستكشافي في ليبيا يوم السبت الماضي، بعد توقفها منذ العام 2011، لاستكمال عمليات الحفر في البئر الاستكشافية ب1 – 106/4 “مؤمل إعصار”، الذي أشرفت علي حفره شركة الزويتينة للعمليات النفطية، ومن المتوقع أن يصل إلى عمق نهائي يبلغ 10,130 قدمًا (3087 مترًا) عند اكتمال الحفر، وذلك حسب ما نشرته المؤسسة الوطنية للنفط عبر صفحتها الرسمية.

وأوضح الزبيدي، أنه في ضوء التعاون الألماني مع دول أخرى تملك مصالح في ليبيا فإن برلين تتعاون مع أنقرة للتوسع في المنطقة، وعلى الرغم من العلاقات المتوترة ظاهريًا، أظهرت ألمانيا وتركيا مؤخرًا تقاربًا بشأن قضايا السياسة الدولية، عبّر عنه اجتماع عقد في مدينة إسطنبول في 21 من أكتوبر المنقضي، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمستشار الألماني أولاف شولتس.

واستطرد، أن مجلة “كومباكت” الألمانية قد ذكرت أن رئيس مديرية الصناعات الدفاعية التركية هالوك جورجون، ونائب رئيس المخابرات التركية أحمد جمال الدين تشاليك، اجتمعا مع مسؤولين ألمان في برلين في 8 يوليو، لمناقشة آفاق التعاون المشترك في المجال العسكري، وأنه تم وضع استراتيجية مشتركة مع الأتراك، للتعاون في الملف الأفريقي، خصوصاً بعدما استطاعت تركيا استغلال انحسار النفوذ الفرنسي في القارة، لتعزيز نفوذها، كما استغلت ألمانيا تنامي النفوذ التركي ودعمته مقابل تحقيق مصالح ومكاسب اقتصادية في ليبيا.

وأشار المحلل السياسي، إلى أن برلين لم تكتفي بتعاون من تركيا فقط بل عملت على تحسين العلاقات بين روما وأنقرة ودعمهم في عدة ملفات أبرزها ملف الهجرة غير الشرعية، حيث شهدت الساحة السياسية الدولية لقاءً جمع بين الرئيس التركي رجب طيب أدوغان، ورئيس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، في يناير العام الجاري، ركز على ضرورة التعاون بين البلدين للتعاون في مجال الطاقة والتنقيب عن الغاز والنفط في ليبيا والبحر الأبيض المتوسط.

وأوضح أن هذا اللقاء إلى جانب عودة الشركة النمساوية للنفط يصفه عدد من الخبراء والمحللين إلى وجود تقارب واضح بين هذه الدول وشريك خفي بينهم جميعا متمثل في ألمانيا الباحثة عن موطئ قدم لها في القارة السمراء.